اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 31
منه وأسهله عليكم
وَبالجملة لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ الظاهر الثابت بِالْباطِلِ الموهوم المزخرف للضعفاء الذين لا تمييز لهم وَلا تَكْتُمُوا الْحَقَّ ايضا في نفوسكم وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ حقيقته عقلا وسمعا
وَبعد ما آمنتم بالله وكتبه المنزلة على رسله واجتنبتم عما نهيتم عنه أَقِيمُوا الصَّلاةَ اى داوموا على الميل والتقرب الى جنابه والتوجه نحو بابه بجميع الأعضاء والجوارح قاصدين فيه تخلية الظاهر والباطن عن الشواغل النفسية والعوائق البدنية المانعة من الميل الحقيقي وَآتُوا الزَّكاةَ المطهرة لنفوسكم عن العلائق الخارجة والعوارض اللاحقة المثمرة لانواع الأمراض في الباطن من البخل والحسد والحقد وغير ذلك وَان قصدتم التقرب والتوجه على الوجه الأتم الأكمل ارْكَعُوا اى تذللوا وتضرعوا نحوه سبحانه مَعَ الرَّاكِعِينَ الذين قد خرجوا عن هوياتهم الباطلة بالموت الإرادي ووصلوا الى ما وصلوا بل اتصلوا لا مع الذين يراؤن الناس ويقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم
لذلك خاطبهم سبحانه على سبيل التوبيخ والتقريع فقال أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ ايها المراؤون المدعون لليقين والعرفان على سبيل النصح والتذكير بِالْبِرِّ المقرب الى الله وَتَنْسَوْنَ أنتم أَنْفُسَكُمْ من امتثال ما قلتم وَالحال انه أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ المشتمل على الأوامر والنواهي وتدعون علمه فحقكم ان تمتثلوا به أولا أَتلتزمون تذكير الغير وأنتم منهمكون في الغفلة والضلال فَلا تَعْقِلُونَ ولا تفهمون قبح صنيعكم هذا ايها المسرفون المفرطون
وَبعد ما أمرتم بعد الايمان بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة المطهرتين لنفوسكم ظاهرا وباطنا فعليكم الإتيان والامتثال بالمأمور على الوجه الأتم الأكمل ولا يتيسر لكم هذا على الوجه الذي ذكر الا بادامة الاستقامة والاستعانة والمظاهرة من الخصلتين الكريمتين لذلك أمركم سبحانه باستعانتهما بقوله اسْتَعِينُوا في التوجه والتقرب الى الله بِالصَّبْرِ عن المستلذات الجسمانية والمشتهيات النفسانية وَالصَّلاةِ الميل الى الله والاعراض عن ما سوى الله ولا تستحقروا امر هذه الاستعانة ولا تخففوها وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ شاقة ثقيلة على كل احد إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ الخاضعين الموقنين
الَّذِينَ يرفعون رين الغيرية عن العين ويسقطون شين الاثنينية عن البين بل يَظُنُّونَ ويعتقدون أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ في هذه النشأة لأنهم يعبدون الله كأنهم يرونه وَهم يعلمون يقينا أَنَّهُمْ إِلَيْهِ سبحانه لا الى غيره من الوسائل والأسباب راجِعُونَ عائدون صائرون في النشأة الاخرى اللهم اجعلنا منهم ومن متابعيهم ومحبيهم
ثم لما من سبحانه عليهم بالنعم التي يظهر آثارها وثمراتها في العالم الروحاني بحسب النشأة الاخرى من عليهم ايضا بالنعم التي ظهرت آثارها عليهم في العالم الجسماني بحسب النشأة الاولى فناداهم ايضا مبتدئا مذكرا بقوله يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا واشكروا ولا تكفروا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وعلى اسلافكم وَاعلموا أَنِّي بمقتضى كمال حولي وقوتي قد فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ من أبناء نوعكم بفضائل قد اغنت شهرتها عن الإحصاء والتعديد وبعد ما ذكرتم النعمة وعرفتم المنعم المفضل لا تغتروا بفضلي ولطفي بل احذروا عن قهري وبطشى
وَاتَّقُوا يَوْماً واى يوم يوما تحشرون الى للجزاء والحساب وفي ذلك اليوم لا تَجْزِي ولا تسقط نَفْسٌ مطيعة كانت او عاصية عَنْ نَفْسٍ عاصية شَيْئاً من جزائها وعذابها وَلا يُقْبَلُ ايضا فيه مِنْها اى من النفس العاصية شَفاعَةٌ من شافع ولا صديق حميم وَكذا لا يُؤْخَذُ مِنْها فيه كفيل عَدْلٌ لتمهل مدة وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ فيه
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 31